عاجل
الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أسقطت نفسها براقش .. بالأربعة

أسقطت نفسها براقش .. بالأربعة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

علمتني سنوات الثورة أن أستمع وبتركيز لكل ما هو متاح من أبواق الإعلام حتى ولو كانت ناعقة أو هامسة بسموم الفكر بدعاوى وادعاءات الوطنية الزائفة لخدمة أجندات خاصة خارجية أو داخلية وما أكثرها ، ويتوالى سقوط أشباه الإعلاميين بأيديهم تماما مثلما قضت على نفسها براقش بجهلها بنتيجة عوائها العبثي ،  وما تعودت التجاوب والرد على هذه الأبواق بهذه السرعة ولكن أحد برامج الفضائيات استفزني كثيرا ومرارا عبر الشهور السابقة ، فما شاهدته مرة إلا ولمحت فيما يثيره من موضوعات إلا لهجة مستفزة ومستنفرة للعامة ضد الدولة ولكنها مغلفة بألوان الوطنية والمصلحة العامة ، خاصة في ظل التأكيدات المبالغ فيها من مذيعي البرنامج على الوطنية والخوف على المصالح القومية بعد كل جرعة سموم إعلامية منتقاة بحرفية ضعيفة ، والتي أذكر منها حملة هذا البرنامج ضد تحمل القوات المسلحة مسئولية تنفيذ ومتابعة المشروعات القومية لفترة زادت عن الأسبوع وهي حملة نعلم جيدا أنها موجهة ويقودها ويأجج لهيبها رجال الأعمال الخاسرين لمليارات كانوا هم أصحابها في الماضي من كل مشروع قومي ، ولكن الوجبة الرباعية الأخيرة دفعتني للرد وهي التي تكونت من تلك الأسئلة الأربعة التي وجهها البرنامج لرئيس الجمهورية للإجابة عنها في مؤتمر الشباب وهي {متى يتوقف تزايد الأسعار؟ - متي تتوقف القروض الخارجية؟ - متى يفرج عن القائمة الرابعة للمعتقلين؟ - هل تنوي الترشح لفترة رئاسية ثانية؟} .



والسؤال الأول كان عن موعد توقف زيادة الأسعار وإن بدا حقا أنه سؤال شعبي ولكن رجل الشارع يعرف الإجابة عليه جيدا ويعلم أن زيادة الأسعار هي ظاهرة عالمية متفشية وتعاني منها أيضا حتى شعوب الدول الغنية إقليميا وعالميا ، وأقربها لنا ما يعانيه أبناءنا في السعودية اليوم والذي يدفع الكثيرين للعودة نهائيا ، فضلا عن ضرورات الإصلاح الاقتصادي التي تفرض رفع الدعم وتحرير السوق من قيوده ، وقد كان أولى بالمعد الجهبذ والمذيع العلامة أن يعرض بأمانة ما يعرفه جيدا من إجابات لأسئلته قبل طرحها لمجرد استعراض العضلات الإعلامية لو كانت نزاهة الضمير الإعلامي أو المصلحة العامة لهذا الشعب تحتل لديهم الأولوية قبل المصالح الأخرى ، خاصة وأننا جميعا كشعب نعرف ونمارس تنمية الأسباب الحقيقية لتفاقم الإحساس بزيادة الأسعار المتوالي منذ تولي السيسي للرئاسة ، وأهمها حالة الفساد النفسي المتفشية في أخلاقيات العامة بداية من الاعتماد على الواسطة وتفشي الرشوة والاستغلال الأزمات للثراء والتي يقودها طائفة رجال الأعمال المضارين بكل محاولة لتصحيح الأوضاع السياسية والاقتصادية ، فهم من ظهروا وسيطروا وانفجرت مساوئ ثرواتهم في المجتمع عبر عقود حكم مبارك مثل أصحاب القنوات الفضائية والجرائد المعروفة ، وقد كان أحدهم متورط رسميا هو وأحد شركاته وبعض رجاله في تخزين السلع الحرجة مثل السكر في أوج أزمته ، وكان أولى بهم الإشادة بما يتم من جهود مضنية للسيطرة على الأسعار رغم كل المعوقات التي تتطلب تخيلا بضرورة وضع رقيب على كل مواطن أو الاستجابة لأصوات بعض المنادين بسن قوانين استثنائية لإعدام كل من يتلاعب بقوت الشعب فتكون النتيجة إعدام أكثر من مليون تاجر ورجل أعمال في أقل من عام .

أما عن السؤال الثاني .. (متى تتوقف القروض الخارجية .. ؟؟) فهو استفسار حق يراد به باطل ، حيث يبدو أن للسؤال أهداف أخرى تخص طائفة بعينها تحاول فاشلة استعادة السيطرة على الاقتصاد المصري كسابق عهدها ، ولعلنا جميعا كعامة الشعب نعرف أن أمريكا هي أكبر دولة لديها ديون خارجية في العالم وعبر التاريخ ، فضلا أن مصر تعد أقل دولة عربية وإقليمية في نسبة الدين الخارجي مقارنة بالناتج القومي حيث لم يتجاوز الدين الخارجي حاليا نسبة 16% من الناتج القومي بينما تسبقنا خمسة عشرة دولة عربية أهمها السعودية والبحرين والكويت والإمارات وقطر وهي دول نفطية غنية تصل نسبة ديون بعضها الخارجية لأكثر من 150% من ناتجها القومي ، إضافة إلى عشرة دول أخرى جميعها لم تعاني تداعيات الفوضى ولا الإرهاب ، وكان لابد لمعدي البرناج بقليل من الضمير والوعي أو البحث أن يوضحوا للرأي العام أيضا أن الديون والقروض المصرية خلال السنوات الثلاثة الماضية تم استغلالها اقتصاديا في صناعة مستقبل دولة بمشروعات قومية وليست في الاستهلاك ولا الإهدار ، وأن الديون القريبة والمؤثرة على الاقتصاد من إجمالي الديون الخارجية لا تمثل أكثر من نسبة 13% من إجمالي الديون وبقيمة 7.96 مليار دولار من إجمالي 60 مليار تقريبا هي حجم الديون الخارجية .

ثم جاء سؤاله الثالث عن (موعد القائمة الرابعة للإفراج عن المعتقلين) وكأن المعد والمذيع والممول لا يعلمون جيدا أنه لا يوجد معتقلين بل هم مسجونين قانونا على ذمة قضايا ، فاختيار اللفظ نفسه مشبوه وغير أمين ، بل ومتجردا تماما من الإحساس بالمسئولية تجاه وطن ، في ظل تتابع سقوط شهداء وبأيدي جماعات إرهابية كامنة ، ولو كان هذا المذيع أو المعد للبرنامج قد عانى مرار فقدان أبناء أو قريب بأيدي بعضا ممن تم الإفراج عنهم سابقا واتضح تبعيتهم لجماعات الإخوان الإرهابية ما تجرأ على محاولة طرح هذا السؤال الباحث عن الحرية لبعض الممولين بعينهم ممن هم تحت رعاية طائفة رجال المال والأعمال أصحاب النفوذ الصحفي والإعلامي ، أو المنتمين للإخوان سرا كما يظنون ، أو كأنهم لم يستحوا وهم يشاهدون بأعينهم استقبال ترامب لضحية الرأي البريئة آية حجازي والعميلة النشطة للمخابرات الأمريكية والتي طالما دافعوا عنها وتصارخوا بضرورة الإفراج عنها ، لتخرج في صفقة مخابرات متكاملة.

أما السؤال الرابع (هل سيترشح السيسي لفترة رئاسة ثانية ؟) فهو سؤال خبيث كعادة من يطرحونه ويحتاجون للإجابة عنه منذ أول يوم تولى فيه السيسي الرئاسة ، وطارح السؤال يعرف جيدا إجابته ويدرك أن السيسي حتى الآن هو شعبيا وتاريخيا (مجبر لا مخير) على الفترة الثانية كما كان مجبرا على الترشح من قبل ، ولكن .. لأن بقاؤه يهدد بقاء امبراطوريات مافيا النهب القومي المسيطرة على ثروات واقتصاد مصر منذ عقود طويلة ، فلابد وأن يكون هذا السؤال له الأولوية الكبرى لديهم ، خاصة بعدما رأت أعينهم مصداقية الرجل في تنفيذ شعار (لا أحد فوق القانون) حتى ولو كانوا رجال أعمال أمريكا والغرب في مصر أو حتى من كبار موظفي الدولة مثل المجلس الأعلى للقضاء ، ولو كان لدى السائلين قدر من الحكمة لعلموا أو تخيلت عقولهم شكل البديل القادم ، ولقبلوا الأيدي والأرجل حمدا لله وشكرا على الموجود الحالي .

وبرغم أن الأسئلة الأربعة ليست بالغريبة بل وقابلة للطرح ، ولكنها عندما تصدر ممن يملكون القدرات والإمكانيات للوصول للإجابات الكاملة والصحيحة ، ومن يعملون كأبواق لدى أصحاب المال والمصالح ، فلابد وأن تفوح من أسلوب طرحها رائحة محاولة أحسبها فاشلة قبل أن تبدأ لإحراج الرئيس والدولة ومحاولة فجة لتحميله وحده مسئولية سلبيات هذا الشعب كاملة ، وهي إعاقة لا إعانة في طريق هذه الدولة ورئيسها في حرب البناء والاستقرار الشاقة ، خاصة وأن هذا الرئيس قد لا يعطي إجابات شافية عن بعضها لأسباب بعينها أو لأخرى، أو ربما نحن متربصين ومتجنين على السائل ومن وراءه ، وربما بالفعل هذه الأسئلة هي محاولة أمينة لإيجاد إجابة حقيقية لاستيضاح بعضا مما يهم البعض معرفته أو التأكيد عليه مع افتراض حسن النوايا كما أتمنى ، ولكن في النهاية لابد وأن نعترف مثل الجميع أن مؤتمرات الشباب هي تجربة ناجحة ورائدة وضرورية في هذه المرحلة برغم سلبياتها وما تفتحه من أبواب للخبثاء لنشر البلبلة والعبث بالوعي الجمعي لشعب هذا الوطن في مراحل حرجة من تاريخه ، ويكفي هذا النظام أننا كشعب لا نشعر كثيرا بما تخوضه الدولة من مواجهات وحروب ضارية داخليا وخارجيا للخروج من عنق الزجاجة ، خاصة ضد الإرهاب المسلح والسياسي والإعلامي والذي يساهم فيه الخبثاء بنصيب كبير داخليا ، ولا ننكر أن هذه المؤتمرات هي تجربة تستحق الإشادة والدعم لأنها تكشف بوضوح ما يدور في نفوس الشعب وتجيب عن تساؤلاتهم ، وتضع الكثير من الحول لمشاكلهم فضلا عن كشف كثير من الموجهين وأصحاب الأجندات والمصالح المتباينة ، فضلا عن نسفها لكثير من الشكوك والشائعات التي يبثونها عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ، ولنترك الساعات والأيام القادمة تجيب عما يثار من تساؤلات ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ...

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز