عاجل
الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إنتظروا المزيد

إنتظروا المزيد

بقلم : غادة نوارة
إن ما يبث وما يحدث على شاشات الفضائيات كل يوم سواء من برامج حوارية تبث سمومها، أو من عرض للأعمال الفنية الرديئة المختلفة لهو كارثة بكل المقاييس، فما يحدث في الشارع هو بالفعل تطبيق لما يحدث على هذه الشاشات من نجوم الفن وقادة الرأي، والإعلام الذين يوجهون الرأي العام والذين من المفترض أن يكونوا قدوة لعامة الشعب،
 
وهو بحق تجسيد لحجم الانحطاط الأخلاقي والفوضى المجتمعية والانفلات السلوكي الذي وصلنا إليه وصار واقعاً علينا التعايش معه. وعلينا انتظار المزيد من هذه الحوادث البشعة والسقوط أكثر في الوحل طالما هناك برامج تليفزيونية تصنع المقالب السخيفة، وتتكلف عشرات الملايين وتتخذ من العنف وسيلة للترفيه فلو تحدثنا تحديداً عن برنامج رامز السنوي الذي يختصنا به في شهر رمضان الكريم فهذا العام أبدع وخصص برنامجه للحرائق وعلى المشاهدين رؤية ألسنة اللهب وهي تلتهم الضيوف بنيرانها ..
 
أما مقدم البرنامج فيقول في الإعلان عن برنامجه أن مشاهدة الناس وهي تحترق منتهى المتعة، وطالما هناك حفنة من البلطجية يسيطرون على إنتاج الأعمال الفنية من المسلسلات والأفلام والتي تتكلف مليارات الجنيهات ... طالما أبو مطوة وأبو سنجة صاروا نجوم فن فلا عجب إذن أن نجد طفلة لم تتعد سنوات عمرها أصابع اليدين ترقص وفي فمها مطواة تقليداً لأحد المشاهد الفنية المماثلة. وصار الإسفاف والابتذال يحدث تحت بند حرية الرأي والتعبير، وتحت بند حرية الإبداع تم تشويه الشخصية المصرية في الأعمال غير الفنية والذي انعكس على الشخصية المصرية في الواقع، ولست مع من يقولون أن الفن انعكاس للواقع فلم يصل واقعنا المصري لهذا السوء إلا بالترويج للشخصية الإرهابية والبلطجية والعنيفة في معظم الأدوار .. فمن يجلس أمام التلفاز ويمسك بجهاز التحكم عن بعد سيضنيه البحث عن عمل محترم يشاهده ومعه أولاده، وسيظل يُقلب بين القنوات ما بين مخدرات ودعارة وكباريهات وعنف وردح فمعظمها لا يقدم إلا الابتذال والاسفاف، فما حدث في المنيا هو تجسيد لمشاهد فنية مماثلة تحدث باستمرار في الأعمال المسماه بالفنية بل ويحدث أبشع منها، ولذلك يجب محاكمة هؤلاء الذين تسول لهم أنفسهم إرهاب وترويع المجتمع محاكمة رادعة وناجزة. إنتظروا المزيد طالما تخلت الأسرة المصرية التي هي نواة المجتمع عن دورها في التربية والتنشئة إما بسبب التفكك الأسري أو بسبب انشغال الآباء والأمهات في السعي وراء الرزق .. فهناك الكثير من الأسر تركوا مهمة التربية والتنشئة للتليفزيون وللكمبيوتر. وطالما هناك بعض الهواة ومعدومي الضمير من الإعلامين ممن يتصدرون البرامج الحوارية والتي تتحول إلى معارك حربية، ويشتبك فيها الضيوف بالأيدي ويتراشقون بالألسنة ..
 
وبرامج تزرع الفتن وتأجج نيرانها، وبرامج الفضائح التي تتبع عورات الناس وتخوض في خصوصياتهم، وبرامج أخرى يعلمون الناس فيها كيفية الحقد والغل من بعضهم البعض مستخدمين أساليب حوارية غير لائقة، وهذه السلوكيات الشاذة غير المسئولة تضر بالمجتمع، وتسئ لسمعة مصر حيث تتصدر هذه الأحداث المسيئة المواقع العربية والأجنبية. ومقاطعة هذه البرامج المبتذلة والهدامة والأعمال الرديئة المسماة بالفنية، والتي ليست إلا نفايات سامة والتي لا تحترم أخلاقيات المجتمع ولا تحترم عقلية الجمهور، هذه المقاطعة ستجبر المنتجين فيما بعد على الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية واحترام قيم المجتمع قبل الإقدام على إنتاج أي عمل. ويجب معالجة الخلل الذي حدث في المجتمع للوصول لمجتمع سليم ومتوازن ومتجانس ولا يجب ترك النار تسري في الهشيم، ومعالجة الخلل يكون بمواجهة الأسباب الحقيقية التي أدت لهذا الخلل عن طريق إصلاح المنظومة المسئولة عن تشكيل القيم وغرس الأخلاقيات في المجتمع وتشمل هذه المنظومة بالطبع المؤسسات التعليمية فتدهور التعليم ألقى بالكثير من الأبناء في الشارع فتلقفهم تجار الدين والمخدرات والفن الهابط، والمؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية بما فيها الفن وكل تلك المؤسسات تعاني من تدهور حاد منذ عقود مضت .. ومعالجة الخلل يكون عن طريق تحمل كل مؤسسة مسئولياتها بكفاءة وقيام كل مسئول في هذه المنظومة بدوره المنوط به على أكمل وجه، ويتحقق ذلك عن طريق المتابعة والرقابة .. وأول الجهات التي عليها القيام بواجباتها هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، ومطلوب رقابة على الفضائيات التي تعمل 24 ساعة في اليوم ولا تلتزم بأي معايير. ولا أبالغ إن قلت أن عدم علاج الخلل يهدد المجتمع ككل .. فعندما يتعلق الأمر بهدم قيم المجتمع وإلقاءها عرض الحائط وشق وحدته وتجانسه فبالقطع يؤثر هذا على الأمن القومي المصري.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز