عاجل
الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إبني في مصنع الرجال

إبني في مصنع الرجال

بقلم : غادة نوارة
كانت الساعة تدق الثامنة صباحاً، وصلت المكان .. الفرحة تعلو الوجوه .. دقات قلبي كانت أعلى من دقات ساعة جامعة القاهرة .. أقلتنا أتوبيسات صغيرة .. وقفت أنا وإبني الصغير في الطابور مع باقي الأهالي الذين حضروا لرؤية أبنائهم، تحرك الطابور سريعاً، ثم وجدتني داخل الوحدة بعد المرور من على البوابة .. أظهرت رقمي القومي وسجلت اسم إبني فنادوا عليه في المذياع
 
.. فذهب إبني حتى يقابل أخيه ويأتي به، وجلست أنا في الانتظار في استراحات تغطيها المظلات في الهواء الطلق أترقب وصوله .. كانت المرة الأولى التي يغيب عني إبني فيها كل هذه المدة .. نظرت حولي رأيت أناساً كثيرين من كل شرائح المجتمع ... ولذلك نقول أن الجيش هو الشعب والشعب هو الجيش .. جاءوا من كل حد وصوب ليقابلوا أولادهم في حياتهم الجديدة، ويطمئنوا عليهم وهم يثقون أنهم في أيدي أمينة
 
..لم تمض أكثر من دقيقتين حتى عاد إبني الصغير ومعه شاب وسيم لأول وهلة خطف قلبي ... رأيته لأول مرة ببدلته العسكرية ... خفق فؤادي واغرورقت عيناي بالدموع، فقد مر العمر مسرعاً وأنهى إبني دراسته الجامعية ... وهاهو يقوم بواجبه الوطني ويصبح واحداً من هؤلاء الذين قال عليهم رسولنا الكريم خير أجناد الأرض ... كيف لهذه البدلة العسكرية أن تسحر أعين الناس وتأخذ بالألباب؟؟ .. فقد أفاضت عليه البدلة رجولة وشهامة وكيف لا؟؟ .. فمن يرتديها هم حماة الوطن .. هم الذين يضحون من أجله بالغالي والنفيس.
 
حتى دخل إبني الجيش لقضاء فترة تجنيده كان بعض الناس يعتقدون أن إبن ضابط الجيش يأخذ إعفاء ... ويعتبر ذلك من المبالغات الكثيرة والمغالطات التي انتشرت نتيجة الإشاعات الكثيرة التي يطلقها بعض الناس عن عمد أو عن غير عمد ومع الوقت يصدقها الناس وتصبح من المسلمات والأمور البديهية. حياة الجندية .. وكما يقول عنها من عايشها .. حياة ثرية تستحق التجربة .. يختلط فيها الشباب من مختلف أطياف المجتمع ويعيشون معاً جنباً إلى جنب في سبيل هدف أسمى وهو خدمة الوطن ... لا فرق بين هذا وذاك ... يتعلمون الالتزام والانضباط وتحمل المسئولية
 
... ويتعلمون كيف يمسكون السلاح للدفاع عن وطنهم ... يتدربون على العمل الجماعي .. ويساهمون في المشروعات الوطنية الكبرى. يعيش هذه الحياة الصعبة فيدرك كيف تحمل أجداده من تحديات ومسئوليات وكيف واجهوا من صعاب ليحققوا نصر 73 .. ويدركوا كم من التضحيات يبذلها الآن رجال جيشنا العظيم ليواجهوا كل التحديات والإرهاب .. وكم من التضحيات تبذلها عائلاتهم حيث يبقون طوال الوقت بعيداً عنهم ليقوموا بواجبهم المقدس .. يعرفوا ماذا يعني الوطن وكيف يتعب هؤلاء من أجل الوطن .. ويلمسوا أن بالفعل لجيشهم يد تحمي ويد أخرى تبني وتزرع وتصنع وتنمي وتعمر. حتى لا يكدره أحد تعلم إبني الانضباط والنظام والنشاط .. يستيقظ في الفجر وينظم أشيائه ويرتب فراشه سريعاً حتى يلحق طابور اللياقة والتدريبات ... فعلت المؤسسة العسكرية ما فشلت في فعله على مدى سنوات عمره. والحقيقة أن فترة التجنيد هذه يجب تعميمها على كل الشباب ... ولو حتى لمدة ثلاثة شهور فهذه الفترة ضرورية لغرس الانضباط والالتزام وتحمل المسئولية، والإلمام بالتحديات التي تواجهنا وإدراك الأمن القومي المصري.
 
حقاً إنها المؤسسة الوطنية العريقة التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ ... والتي تخرج منها كثير من وزراء الدفاع ورؤساء الأركان الأفارقة وكبار القادة العسكريين في الدول الأفريقية الشقيقة. يعرف العالم كله أن الجيش المصري جيش قوي يحتل بأسلحته المختلفة في الكفاءة والجاهزية والقدرة القتالية مراكز متقدمة على مستوى العالم مما يجعله قادر على حماية الأمن القومي المصري، ولذلك فلا يجرؤ أحد على الاقتراب من عرين الأسد. واستطاعت هذه المؤسسة العريقة العمود الفقري للدولة المصرية من الحفاظ على مقومات الدولة المصرية، والحيلولة دون سقوطها في نفق مظلم ... وتساهم هذه المؤسسة في الاقتصاد القومي للدولة بالعديد من المشروعات الإنشائية العملاقة مثل الموانئ والمطارات ومشروعات البنية التحتية كالطرق والكباري والاتصالات والمستشفيات والمدارس، وإقامة المجتمعات العمرانية الجديدة بكل خدماتها .. وتقوم بتحقيق الاكتفاء الذاتي للجنود، وتساهم في التصدي للأزمات والكوارث المتتالية وإزالة آثارها ... فلا يُنكر إلا جاحد الدورالوطني للمؤسسة العسكرية على مر السنوات في بناء الوطن ودورها في اللحظات الفارقة التي مرت علينا، فهي قوة وطنية من نسيج المجتمع المصري على اختلاف فئاته وأطيافه وهي مدرسة الوطنية المصرية عبر العصور عرين الأبطال ومصنع الرجال. رسمنا على القلب وجه الوطن .. نخيلاً ونيلاً وشعباً أصيلاً .. وصناك يا مصر طول الزمن .. ليبقى شبابك جيلاً فجيلاً ... عاش خير أجناد الأرض .. عاش حماة الوطن.



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز