عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الضرب في الميت حرام

الضرب في الميت حرام

بقلم : عاطف حلمي

الطبقة الوسطى هي رمانة الميزان في أي دولة، كلما اتسعت رقعتها وزادت نسبتها في أي مجتمع، استقر هذا المجتمع وتقدم، وكلما تآكلت وتلاشت غرق المجتمع في الفوضى والجهل والتخلف والطبقية، وأصبح على أبواب ثورة قد تأتي على الأخضر واليابس.



 

عبقرية

 

لعل عبقرية الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر تكمن في حرصه على خلق هذه الطبقة الوسطى التي لم تكن موجودة إلا على استحياء قبل ثورة 23 يوليو، وكانت الغالبية الكاسحة من المجتمع المصري تحت خط الفقر، حتى أن أبرز مشروعات الدولة في ذاك الوقت كانت مكافحة الحفاء.

 

الضمير والقيم

 

الطبقة الوسطى تمثل ضمير المجتمع والحارس القائم على القيم الايجابية، فهي طبقة يسعى أفرادها للإرتقاء بمستوياتهم الاجتماعية، ليس عبر "الواسطة"، أو "الفهلوة"، ولكن من خلال جهد حقيقي سواء في مراحل التعليم المختلفة أو في العمل الوظيفي، فهؤلاء يمثلون الطموح المشروع في النبوغ والتفوق وتغيير قدرهم وتحديد مستقبلهم بأيديهم، يحفرون بأظافرهم في الصخر من أجل الحصول على حقوقهم.

 

تكافؤ الفرص

 

خلق عبدالناصر طبقة وسطى واسعة في مصر من خلال مجانية التعليم العالي، وزيادة عدد البعثات التعليمية الخارجية، وإقرار مبادىء تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، فوجدنا المعلم والطبيب والمهندس والمحاسب والمحامي والقاضي واستاذ الجامعة وموظف الدولة والقطاع الخاص، الذين يمثلون تلك الطبقة أتوا من طبقات فقيرة وحصلوا على فرصتهم في الانتقال إلى تلك الطبقة الجديدة، بل إن خريجي المدارس الثانوية الفنية التحقوا بتلك الطبقة ولو بدرجة أقل.

 

الاتجاه المعاكس

 

في المقابل سار مبارك في الاتجاه المعاكس، إبن الموظف البسيط أصبح طياراً ثم تربع على عرش السلطة، فأدار ظهره لشعبه ولطبقته بأكملها وتركها تتآكل وتأخذ معها كل قيم الهوية المصرية، لم تعد لدينا من هذه الطبقة سوى القشور، فستاذ الجامعة والطبيب مثله مثل المهندس والمعلم والمحاسب والمحامي، كلهم في الهم سواء، رواتب ضعيفة، ومسئوليات متزايدة، والجميع يعيش حالة من الصراع المستمر حتى لايسقط من قاع ما تبقى من تلك الطبقة ليجد نفسه منبطحاً وهو يلامس خط الفقر.

 

محدودو الدخل

 

المشكلة أن من كانوا حتى مطلع السبيعينيات ضمن الطبقى الوسطى هم في واقع الأمر الآن ضمن محدودي الدخل "وهو اللفظ المهذب واسم الدلع لمن هم على اعتاب الفقر"، بل إن جزءاً كبيراً منهم تحت خط الفقر بالفعل.

 

طبقة مستهدفة

 

والأزمة الكبرى، أن هذه الشريحة الكبيرة من المجتمع، هي المستهدفة دائما من قبل جباة الضرائب دون سواهم، دفعوا فاتورة "انفتاح السداح مداح" أيام السادات، وكانوا وقود الإصلاح الاقتصادي ايام مبارك، الذي استهدف نسف القطاع العام بما يضمه من مئات المصانع والشركات الكبرى، والآن تحملهم الدولة فاتورة كل ما سبق، فبينما يحصل المستثمر الذي يحقق الارباح على تسهيلات ضرائبية ودعم للطاقة، تتعرض تلك الطبقة الفقيرة المنهكة لفرض المزيد من الضرائب، وتناسى الجميع أن "الضرب في الميت حرام".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز