السيسى يتصالح مع الاعلام

بقلم : اسلام ابو المجد

زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى الى مطار شرم الشيخ وان رأها البعض خطوة مهمة  لدعم السياحة التى تعانى آلام المخاض  منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى الان , الا ان هذه الزيارة لها بعد اخر  يتمثل في ان السيسى  حقق هدفا   قد يكون من وجهة نظرى اخطر بكثير من دعم السياحة المرهونة عودتها بتوفير مناخ امن فى مصر والانتهاء من التحقيقات فى حادث الطائرة الروسية المنكوبة  بكل شفافية .
 
الملاحظ من هذه الزيارة   ان السيسى حرص على مصالحة الاعلام  بعد ان وجه له من قبل بعض الانتقادات , فلأول مرة نجد رئيس الجمهورية يقف امام مراسل تلفزيونى ليجرى معه مقابلة , فلم  تكن سى بى سى وحدها التى استطاعت الحديث مع الرئيس وإنما قناة النهار كان لها نصيب ايضا من لقاء لم يتعدى الدقيقتين  ليس مع مذيعة مشهورة او كاتبة مخضرمة وانما مع زميلة مجتهدة , استطاعت ان تأخذ من الرئيس ساوند بايت هكذا نسميه فى عالم الاخبار , اضف  الي ذلك تحرك السيسى فى المطار وتفاعلاته بكل سهولة ويسر مع المصريين والسياح والتقاط الصور السيلفى معهم .
 
لقد جاءت خطوة  السيسى هذه  والتى اراها تأكيدا على احترامه للإعلام بعد خطابه الذى حمل  انتقادات للمؤسسات الاعلامية  وآثار تخوفات داخل الحقل الإعلامي من عودة التضييق علي الاعلام والاعلاميين . 

 لقد استخدم في خطابه الأخير مصطلح "ميصحش كده"   تعليقا علي ما ورد  على لسان احد الاعلاميين من انتقاد للرئيس  كونه  لم يهتم بأزمة امطار الاسكندرية  كما اعتقد الاعلامى المقصود  , ربما اغضب هذا الانتقاد الصريح السيسى  فلسان حال الرجل انه لايستطيع بمفرده ان يصلح عمل المفسدين  , لكن السر الذى يعرفه الجميع بمن فيهم الرئيس نفسه ان المفسدين لايزالون موجدين بيننا وفى جميع مؤسسات الدولة  وليس الاعلام وحده. 
 
واسمح لى سيادة الرئيس بما اننى اري أنكم  تسيرون فى طريق تطوير الاعلام واصلاحه وتنقيته من الفاسدين المفسدين الدخلاء اصحاب المصالح ورجال الاعمال ان استخدم  عبارتك ميصحش كده لابنى عليها احلام ارغب فى ان ارى عليها شكل الاعلام المصرى .
 
ميصحش كده   عندما يخرج علينا الاعلام الرسمي في بداية أزمة سقوط الطائرة لينفي انها وقعت في سيناء وأنها غادرت الأجواء المصرية في اللحظة   التي  أعلن فيه الاعلام الرسمي ذاته ان دولة رئيس الوزراء قطع زيارته الي الاسماعيلية وتوجه الي وسط سيناء لمتابعة مكان سقوط  الطائرة المنكوبة ، وكأن الاعلام يبذل كل الجهد لينفي تهمة لا تتعلق بِنَا ، ما دفع اعلام داعش الإرهابي والمتربصين بهذا الوطن الترويج لفرضية ان الطائرة أُسقطت جراء عمل ارهابي  , واصبحت مصر امام العالم  هى المتهمة والمتسترة على  واقعة حتى الان لم تكشف التحقيقات عن دوافعها واسبابها .
 
ميصحش كده عندما يطل علينا  احد الاعلاميين ليصف بريطانيا بالعدو وانها تساند الاخوان وتتآمر ضد مصر وتفتعل الاحداث لمهاجمة مصر  وذلك اثناء زيارة الرئيس ولقاءه مع ديفيد كاميرون  فى عقر داره ما دفع الاعلام البريطانى   ان يتسخدم هذه التصريحات فى الهجوم على مصر .
 
حتى وان كان الغرب لايريد لنا التقدم ويتآمر ضدنا فالفكر لايحارب الا بالفكر وفى الاعلام هناك اساليب كثيرة لكسر شوكة الدول وتركيعها بكل مهنية دون استخدام اساليب خارجة وبعيدة عن المهنة بل تساعد فى تشويه صورة مصر اكثر واظهار الاعلاميين المصريين على انهم مجموعة من الارجوزات  .
 
ميصحش كده  عندما تصدر إدارة التلفزيون المصري قرارا بإيقاف المذيعة عزة الحناوي عن العمل وإحالتها للتحقيق بعد مطالبتها بمحاسبة جميع المسئولين عن التقصير والفساد بعد أزمة غرق الإسكندرية والبحيرة , حتى وان  كنت ارى ان تقمس المذيع لدور الضيف والمحلل والخبير هو امر لا يتعلق بالاعلام الا انه كان من الاحرى ان يتم الرد عليها من المسؤولين دون محاسبتها بهذا الشكل ، في حين  ان الجميع يتذكر مقولة  زكريا عزمى للرئيس الاسبق  مبارك عندما قال  " ان الفساد فى المحليات وصل للركب"  فلماذا تحال مذيعة للتحقيق لمجرد انها دعت الي إصلاح المحليات وهو مطلب ينشده الجميع . 
 
 واننى انضم الى الدعوة التى أطلقها الاعلامى أسامة كمال لعقد لقاء بين  الرئيس   والاعلاميين على طاولة واحدة ليسمع كلًا منهما الأخر وللمساهمة فى ايصال وجهة نظر السلطة للشعب وتلقى اقترحاتهم وانتقاداتهم  بشكل مهنى  لحين وضع مياق شرف اعلامى  وسن  تشريعات تشمل اليات محددة لكيفية عمل الاعلام وحماية التنافسية ومنع الاحتكار .